responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 185
وَقَدْ شَاعَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِطْلَاقُ الذَّوْقِ عَلَى الْإِحْسَاسِ بِالْخَيْرِ أَوْ بِالشَّرِّ، وَوَرَدَ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرًا.
وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ لِلْعَذَابِ الْمُشَاهَدِ يَوْمَئِذٍ، وَفِيهِ تَهْوِيلٌ لِلْعَذَابِ. وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْعَذَابَ لِعِظَمِ هَوْلِهِ مِمَّا يُتَسَاءَلُ عَنْ سَبَبِهِ. وَعَطَفَ قَوْلَهُ: وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ عَلَى مَجْرُورِ الْبَاءِ، لِيَكُونَ لِهَذَا الْعَذَابِ سَبَبَانِ: مَا قَدَّمَتْهُ أَيْدِيهِمْ، وَعَدْلُ اللَّهِ تَعَالَى، فَمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ أَوْجَبَ حُصُولَ الْعَذَابِ، وَعَدْلُ اللَّهِ أَوْجَبَ كَوْنَ هَذَا الْعَذَابِ فِي مِقْدَارِهِ الْمُشَاهَدِ مِنَ الشِّدَّةِ حتّى لَا يظنّوا أَنَّ فِي شِدَّتِهِ إِفْرَاطًا عَلَيْهِمْ فِي التعذيب.
[183، 184]

[سُورَة آل عمرَان (3) : الْآيَات 183 إِلَى 184]
الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (183) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ (184)
أُبْدِلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ مِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ [آل عمرَان: 181] لِذِكْرِ قَوْلَةٍ أُخْرَى شَنِيعَةٍ مِنْهُمْ، وَهِيَ كَذِبُهُمْ عَلَى اللَّهِ فِي أَنَّهُ عَهِدَ إِلَيْهِمْ عَلَى أَلْسِنَةِ أَنْبِيَائِهِمْ أَنْ لَا يُؤْمِنُوا لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ بِقُرْبَانٍ، أَيْ حَتَّى يَذْبَحَ قُرْبَانًا فَتَأْكُلَهُ نَارٌ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، فَتِلْكَ عَلَامَةُ الْقَبُولِ، وَقَدْ كَانَ هَذَا حصل فِي زمن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ ذُبِحَ أَوَّلُ قُرْبَانٍ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ فَأَحْرَقَتْهُ. كَمَا فِي سِفْرِ اللَّاوِيِّينَ. إِلَّا أَنَّهُ مُعْجِزَةٌ لَا تَطَّرِدُ لِسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا زَعَمَهُ الْيَهُودُ لِأَنَّ مُعْجِزَاتِ الرُّسُلِ تَجِيءُ عَلَى مَا يُنَاسِبُ تَصْدِيقَ الْأُمَّةِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيءٌ إِلَّا أُوتِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلَهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ: قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ.

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 185
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست